تربي المدرسة الحرة المتعلم على الانفتاح العقلي ، وعلى التفكير الناقد لتحرره من التبعية العمياء للآخرين وللأفكار الموروثة ، لذلك فهي تدربه على أساليب استخدام العقل والمنطق دون استعجال في الكشف عن الحقائق . ولا يقتصر التفكير الناقد على نقد ظواهر الأشياء ، وإنما يتعداها إلى التفكير في العلل والمسببات ، وطرح التساؤلات حول القضايا المثارة التي تسبب الأزمات ؛ وذلك لكي يكون للخبرات التي يحصل عليها المتعلمون معنى وقيمة وأثر . فالتفكير بمنطق يقود المفكر إلى كشف النقاب عن وجه الحقيقة ، وإلى اتخاذ قرارات صائبة.
ويشجع المعلمون والآباء المستنيرون الأطفال على توظيف العقل ، وعلى حسن الإصغاء للآخرين ، واحترام آرائهم ومحاكمتها بالمنطق الواضح والحجة البيّنة . وهم يعلمونهم متى يستمعون ، وكيف يسألون ويجيبون ، أو يدلون بآرائهم من منطلق أن التفكير المنطقي والحوار السليم يقودان إلى النجاح ، وان الخطأ في التفكير يقود إلى خطأ في الاستنتاج .
ولكي ينجح الآباء والمعلمون في مهمتهم ؛ فإن عليهم أن يعوّدوا الأطفال على تقبل النقد ، لأنه ليس كل ما يفكرون به سليما ، وكل إنسان معرض للخطأ في القول وفي الفعل ، والبحث عن الحقيقة هو الطريق المؤدي إلى النجاح ، والوصول إليها يتطلب استخدام الأساليب العلمية في التفكير بمهارة .
مفهومه :
تفيد مادة ( نقد ) في اللغة العربية : اختبار الشيء لتمييز الجيد من الرديء . وبناء عليه ، فإن تدريب المتعلمين على التفكير الناقد يكون لإكسابهم مهارة التمييز بين الصواب والخطأ وبين الصحيح والزائف ، فيتمكنوا بذلك من تقويم مسيرتهم باتجاه إتقان العمل والإبداع فيه .
وفي الاصطلاح أشار الأدب التربوي إلى مجموعة من التعريفات للتفكير الناقد أقتبس منها ما يلي :
التفكير الناقد هو : " فحص وتقييم الحلول المعروضة &McCann1985 MooreK,McCann
التفكير الناقد هو :" تفكير تأملي معقول يركز على اتخاذ القرار فيما يفكر فيه أو يتم أداؤه ." Ennis,1985
أو هو عملية استخدام قواعد الاستدلال المنطقي ، وتجنب الأخطاء الشائعة في الحكم ." ( عبد السلام ورفيقه ، 1982،)
والتفكير الناقد هو التفكير:" الذي يعتمد على التحليل والفرز والاختيار والاختبار لما لدى الفرد من معلومات بهدف التمييز بين الأفكار السليمة والأفكار الخطأ . ( منصور ، 1986)
وبناء على ما سبق ، فإن التفكير الناقد يهدف إلى التوصل إلى الحقيقة بعد نفي الشك عنها عن طريق دراسة الأدلة المنطقية والشواهد المتوفرة وتمحيصها.
ويعد التفكير الناقد من متطلبات القدرة على التفكير الإبداعي ؛ إذ يوظفه الباحث الساعي إلى الإبداع للمفاضلة بين الحلول التي يتوصل إليها من أجل اختيار أصلحها وأكثرها ملاءمة لطبيعة المشكلة المطروحة . والتفكير الناقد يتحدى أفكار وأعمال الآخرين ، ويقومها بالبراهين والشواهد والأدلة العقلية دون تحيّز ، ويرفض التبعية للآخرين دون تفكير .
أهمية ممارسة التفكير الناقد :
تكمن أهمية التفكير الناقد في أنه :
1- يساعد المتعلم على قبول النقد ، وعلى الاستفادة من ملاحظات الآخرين حول ما يطرحه من أفكار.
2- يمكن المتعلم من استيعاب آراء الآخرين ، ويزوده بالقدرة على تمحيصها والاستفادة منها.
3- العدل والدقة في إصدار الأحكام الموضوعية على آراء ومعتقدات الآخرين.
ومن العوامل التي تساعد المتعلمين على التفكير الناقد:
1- تدريبهم على أساليب التفكير المنطقي.
2- وجود القدوة الصالحة التي تدرب المتعلم على خطوات الوصول إلى الحقيقة الغائبة ، وفهم الأسباب بحوار هادئ يعتمد على الأدلة ، وعلى احترام الرأي والرأي الآخر دون تحيز وفي منأى عن العواطف الجياشة والانفعالات الحادة.
3- السماح لهم بتحدي الأفكار المطروحة بحرية، وتقبل النقد الموجّه لأفكارهم برحابة صدر ، والدفاع عن وجهات نظرهم بالحجج مما يكسبهم الثقة بأنفسهم.
4- تربيتهم على أن الإنسان خطّاء ، وعلى أن الشك هو أول خطوات الوصول إلى الصواب ، يلي ذلك البحث الجاد والتجريب العلمي.