إذا تدبرتِ الشروط السابقة تبين لك أن كثيراً من الفتيات المسميات بالمحجبات اليوم لسن من الحجاب في شيء , وهن اللائي يسمين المعاصي بغير اسمها , فيسمين التبرج حجاباً , والمعصية طاعة .
لقد جَهِدَ أعداءُ الصحوة الإسلامية لِوَأْدِها في مهدها بالبطش والتنكيل , فأحبط الله كيدهم , وثَبَتَ المؤمنون والمؤمنات على طاعة ربهم عز وجل.
فَرأَوْا أن يتعاملوا معها بطريقة خبيثة ترمي إلى الانحراف بالصحوة عن مسيرتها الرباينة , فراحوا يُرَوِّجون صورًا مبتدَعةً من الحجاب على أنها ( حل وسط ) تُرضِي المحجبةُ به رَبَّها – زعموا - , وفي نفس الوقت تساير مجتمعها , وتُحافظ على " أناقتها " !
وكانت ( بيوت الأزياء ) قد أشفقت من بوار تجارتها بسبب انتشار الحجاب الشرعي , فمِن ثَمَّ أغرقت الأسواق بنماذج ممسوخة من التبرج تحت اسم ( الحجاب العصري ) الذي قوبل في البداية بتحفظ واستنكار.
وأحرجت ظاهرةُ الحجاب الشرعي طائفةً من المتبرجات اللائي هرولن نحو (الحل الوسط) تخلصًا من الحرج الاجتماعي الضاغط الذي سببه انتشار الحجاب , وبمرور الوقت تفشت ظاهرة ( التبرج المُقَنَّع ) المسمى بالحجاب العصري , يحسب صويحباته أنهن خير البنات والزوجات , وما هن إلا كما قال الشاعر:
إن ينتسبن إلى الحجــابِ *** فإنـه نَسَبُ الدخيـل.
***
" فيا صاحبة الحجاب العصري المتبرج " !
حذار أن تصدقي أن حجابك هو الشرعي الذي يُرْضِي اللهَ تبارك وتعالى ورسولَه صلى الله عليه وسلم , وإياكِ أن تنخدعي بمن يُبارك عمَلَك هذا , ويكتمك النصيحة , ولا تغتري فتقولي: " إني أحسن حالاً من صويحبات التبرج الصارخ " , فإنه لا أسوة في الشر , والنار دركات , كما أن الجنة درجات , فعليكِ أن تقتدي بأخواتك الملتزمات بحقٍّ بالحجاب الشرعي بشروطه.
رُوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " انظروا إلى مَنْ هو أسفل منكم في الدنيا , وفوقَكم في الدين , فذلك أجدرُ أن لا تَزْدَرُوا – أي تحتقروا – نعمةَ الله عليكم " [ضعيف] , وتلا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قولَه عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} (30) سورة فصلت , فقال: " استقاموا والله لله بطاعَتِهِ , ولم يَرُ وغُوا رَوَغَانَ الثعالب " .
وعن الحسن رحمه الله قال: " إذا نظر إليك الشيطان فرآك مُداوِمًا في طاعة الله , فبغاك , وبغاك- أي طلبك مرة بعد أخرى- فرآك مُداوِمًا , مَلَّكَ , ورفضك , وإذا كنت مرةً هكذا , ومرة هكذا , طَمِعَ فيك ".
فَهَيَّا إلى استقامةٍ لا اعوجاجَ فيها , وهدايةٍ لا ضلالةَ فيها , وهيا إلى توبةٍ نصوحٍ لا معصيةَ فيها : {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (31) سورة النــور.