بسم الله الرحمن الرحيم
سئل سائل شيخنا الجليل ومحدث عصرنا ابي اسحاق الحويني عن صحة الحديث ( العمل عبادة ) فقال :
ما صحة حديث : " العمل عبادة " .
فاجاب الشيخ :
وهذا الحديث لا أصل له ، ولعل مستند هذا القول هو ما يتداوله العوام من أن رجلاً كان يتعبد فى المسجد ليل نهار وله أخ ينفق عليه ، فرآه النبى صلى الله عليه وسلم فقال له : من ينفق عليك ؟ قال : أخى . قال : أخوك أعبد منك وهذا باطل لا أصل له فى شىء من كتب السنة المعتبرة بل يبطله ما أخرجه الترمذى ( 2345 ) ، والحاكم ( 10/93 – 94 ) ، والسهمى فى " تاريخ جرجان " ( 542 ) ، وابن عبد البر فى " جامع العلم " ( 1/59 ) من طريق حماد بن سلمة ، عن ثابت عن أنس قال : كان أخوان على عهد النبى صلى الله عليه وسلم فكان أحدهما يأتى النبى صلى الله عليه وسلم والأخر يحترف – يعنى يعمل – فشكى المحترف أخاه إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال له : " لعلك ترزق به " قال الترمذى : " حسن صحيح " وقال الحاكم : " صحيح من شرط مسلم ورواته عن آخرهم أثبات ثقات " ووافقه الذهبى وهو كما قالوا وليس فى هذا الحديث أيضاً ما يتكئ عليه العاطلون ، فقد تتابعت الأحاديث فى الحض على العمل والنهى عن السؤال ، وبيان عدم التعارض بين الأحاديث يحتاج إلى مقام آخر وأخرج البخارى فى " التاريخ الكبير " ( 4/1/181 ) ، ويعقوب بن سفيان فى " المعرفة " ( 1/311 ) ، والطبرانى فى " الكبير " ( ج19/رقم 63 ) ، وأبو نعيم فى " الحلية " ( 3/125 ) والبيهقى (10/194 – 195 ) من طريق بكر بن بشر العسقلانى ، ثنا عبد الحميد بن سوار ، عن إياس بن معاوية عن أبيه عن جده وساق حديثاً فيه : " والعمل من الإيمان " لكنه ضعيف وبكر بن بشير مجهول كما قال الذهبى فى الميزان ، وعبد الحميد بن سوار ضعيف وبه أعله الهيثمى فى " المجمع " ( 8/27 ) ولو صح لم يكن فيه دليل للحديث المسئول عنه ، لأن المقصود منه أن الأعمال التى هى كالصلاة والزكاة وغيرها من تمام الإيمان وفيه رد على المرجئة الذين لا يعتبرون الأعمال داخلة فى الإيمان . وهناك تنبيه وهو أن المسلم لو عمل أى عمل مباح واقترنت به نية الزلفى إلى الله تعالى فإنه يدخل فى جنس العبادة ، فلو ذهب لعمله وفى نيته أنه يستعف به ويؤدى ما أوجبه الله عليه من النفقة على زوجته وأولاده كان بذلك عابداً لله لأنه لو قصر فى ذلك حتى ضيعهم أثم به ، وقد صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته " أخرجه مسلم وغيره . والله أعلم