أختي المسلمة :
من أهم ما يتميز به المسلم والمسلمة اللذان تعلق قلباهما بالله وطبقا في حياتهما شرعه ، وامتثلا أمره ، تلك الراحة النفسية والاطمئنان القلبي ، فلا تراهما إلا مبتسمين حتى في أحلك الظروف وأقسى الحالات ، فهما يدركان أن ما أصابهما لم يكن ليخطئهما ، وأن ما أخطأهما لم يكن ليصيبهما ، فلا يتحسران لفوت محبوب ،ولا يتجهمان لحلول مكروه ، فربما كان وراء المحبوب مكروهاً ، ووراء المكروه محبوباً (( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) .
· لا تغرهما زخارف الدنيا وإن كانا يتركان نصيبهما منها (( وابتغ فيما ءاتك الله الدار الأخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا )) . لمعرفتهما أن الدنيا يقصر عمرها وامتلائها بالغصص والنكد لا تستحق أن يغضب الإنسان من أجلها ، ولا أن يتحسر لفوت شيء منها ، فهي لا تساوي شيئاً مع الآخرة دار القرار، حيث النعيم الأبدي ، فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، للمؤمنين الصادقين .
أختي المسلمة :
لو صفت الدنيا من الأكدار ، وخلت من المصائب – وذاك محال – فإن مجرد تذكر الموت يجعل حلوها مراً ، وكثيرها قليلاً ، وطويلها قصيراً ، وصفوها كدراً ، هذا لو ضمن الإنسان عمراً طويلاً ، فكيف وهو إذا أصبح خشي ألا يمسي ، وإذا أمسى خشي ألا يصبح ، وإذا أنقشعت سحابة مصيبة أقبلت أخرى ، يروعه فقد الأقربين ، وموت الأصدقاء ، وعندما يحس بألم عارض في عضو من أعضائه ، أو يخيل إليه زيادة في خفقان قلبه ، أو يحس بقلة شهية للطعام ، يرتسم شبح الموت أمام ناظريه ، فإذا هو يفزع ويخاف فيزداد مرضاً وتخيم عليه الوحشة ، وكأن ذلك الخوف مانع من نزول الموت أو مبعد له .
· يا لضعف الإنسان ، ما أحقره وأقل شأنه . تراه شاباً مكتمل الحيوية والنضارة والنشاط ، ممتلئ الجسم فلا يلبث العمر أن يطوح به إلى خريفه فإذا هو محدودب الظهر ، متغضن الوجه ، يتعبه أدنى جهد ، ويهده أقل عمل .
· وتراه غنياً يسكن القصر الشامخ ، ويركب السيارة الفارهة ، ويجلس على الفراش الوثير ، ثم تنقلب به الأيام فإذا هو يسكن ما كان يأنف من سكناه ، ويركب ما كان يزدري ركوبه ، ويلبس ما كان يستخشن لبسه ، ويأكل ما كان يعاف أكله .
· إن لذة الحياة وجمالها ، وقمة السعادة وكمالها ، لا تكون إلا في طاعة الله التي لا تكلف الإنسان شيئاً سوى الاستقامة على أمر الله وسلوك طريقه ، ليسير الإنسان في الحياة مطمئن الضمير ، مرتاح البال ، هادئ النفس ، دائم البشر ، طلق المحيا ، يعفو عمن ظلمه ، ويغفر زلة من أساء إليه ، يرحم الصغير ويوقر الكبير . يحب قضاء حاجات الناس ، ويكون في خدمتهم ، ويتحمل أذاهم ، ثم هو لا يفرط في صغير ولا كبير من أمر الله ، بل يحرص على كل عمل يقربه إليه ويدنيه منه ، فإذا نزلت به المصائب تلقاها بصبر ورضا ، وإذا جاء الموت رأى فيه خلاصاً من نكد الدنيا ، ورحلة إلى دار الخلود .
أختي المسلمة :
في هذه الصفحات مجموعة إرشادات ، وثلة توجيهات عندما تطبقينها في واقع حياتك ، وتحرصين على التشبث بها ، وتندمين على فواتها ، ستنقلب حياتك من شقاء إلى راحة ، ومن تعاسة إلى سعادة ، بل ستحسين للحياة طعماً آخر ، وتنظرين لها نظرة أخرى ، وقد دفع إلى كتابتها حب الخير وابتغاء الأجر والرغبة في الإصلاح ، فإلى تلك الأزاهير وفقك الله .
الكـــلام
أختي المسلمة :
1. احذري الثرثرة وكثرة الكلام ، قال تعالى : (( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس )) .
واعلمي أن هناك من يحصي كلامك ويعده عليك : (( عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) . وليكن كلامك مختصراً وافياً بالغرض الذي من أجله تتحدثين .
2. اقرئي القرآن الكريم ، واحرصي أن يكون لك ورد يومي منه ، وحاولي أن تحفظي منه قدر ما تستطيعين ، لتنالي الأجر العظيم يوم القيامة . عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : (( يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها )) صحيح سنن الترمذي (2329) .
3. ليس جميلاً أن تتحدثي بكل ما سمعت ، فإن في هذا مجالاً للوقوع في الكذب . عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : (( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع )) . ( رواه مسلم ) .
4. إياك والتباهي ( الافتخار ) بما ليس عندك لأجل التكثر و الارتفاع في أعين الناس ، فعن عائشة رضي الله عنها أن امرأة قالت : يا رسول الله ، أقول إن زوجي أعطاني ما لم يعطني ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور )) ( متفق عليه ) .
5. إن لذكر الله تأثيراً عظيماً في حياة المسلم الروحية والنفسية والجسمية والاجتماعية ، فاحرصي – أختي المسلمة أن تذكري الله كل حين على أي حالة كنت ، فقد مدح الله عباده المخلصين بقوله : (( الذين يذكرون الله قيماً وقعوداً وعلى جنوبهم )) { آل عمران : 191 } .
· وذكر عبدالله بن بسر رضي الله عنه أن رجلاً قال : يا رسول الله ، إن شرائع الإسلام كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به . قال : (( لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله )) . صحيح سنن الترمذي { 2687 } .
6. إذا أردت الحديث فإياك والتعاظم والتفاصح والتقعر في الكلام ، فهي صفة بغيضة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول : (( وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والتشدقون والمتفيهقون )) صحيح سنن الترمذي ، { 1642 } .